المقالات

من سرق منَّا فرحة العيد؟ 

بقلم: عيسى المزمومي

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ

فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ

العيد هو كل يوم فيه جمع؛ وأصل الكلمة من عاد يعود قال ابن الأعرابي: سمي العيد عيدًا؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد وأمل مشرق!!

يأتي العيد؛ تمر لحظاته كطيف عابر؛ لم تعد فرحة العيد مثل سابقها أيام الزمن الجميل؛ الذي ينشد في أرواحنا الأمل؛ والود؛ والفضيلة!!

ذهبت فرحة العيد؛ غابت ابتسامتنا البيضاء أمام إعصار “التطور التكنولوجي” وبرامج السوشال ميديا، لقد اقتلعت مشاعر ولحظات الفرح من جذورها، وأصبح كل شيء سريعًا وبدون طعم …

مشاعرنا؛ ضحكات أصدقاء الطفولة؛ ابتسامات الصبايا الآتي كنا نعيش معهم أيام الصبا ونزر فيض همسات الحب؛ وبقايا نعناع الحكايا؛ أصبحنا نعيش بين كتل أسمنتية عوازل بين الأبنية التي فرقت بين الأرواح والأجساد؛ رحنا نمشي الهوينا؛ كأن هناك هاجسًا من الألم يداهم أرواحنا المتعبة؛ أصبحت ذكرياتنا مسجونة في جهاز ذكي يحرمنا لذة اللقاء؛ لماذا نحن نتغير ؟؟! والزمن ثابت؟!!

لم يعد للحلوى أو للعيد طعم؛ ذهبت كل ذكريات أشيائنا الجميلة؛ أصبح كل شيء يمر علينا طيف من لحظات وجع وسهاد؛ وشكوى تباعدت قلوب الناس؛ وتناثر أفراد الأسرة الواحدة في أركان المنزل فأصبح الجميع مشغولًا بالمال؛ يلهث خلف سراب الثروة؛ والرصيد البنكي؛ وبطاقات الفيزا؛ وحلم الوصول إلى أحلامنا.

أصبحنا يعاني من جفاف المشاعر؛ وأصبحت أرواحنا لا تطيق بعضها البعض؛ يموت “فلان” لن ندرك أنه غادر الدنيا إلى غير رجعة؛ لن ندرك أنه أصبح أثرًا بعد عين؛ ذهبت أحلامه؛ طموحاته؛ وربما ضحكاته؛ وشيء من مشاعره التي عشناها سويًا؛ ولكن لا نحس بفقده!!

الوقت أصبح يمر علينا كطيف عابر؛ كل شيء تغير حولنا؛ تركنا وراءنا الذكريات الجميلة؛ التي قتلها “الجشع” قهرًا وضيمًا؛ لم يعد لدينا من شخوص الماضي إلا الدموع وسيلة نعبر بها عن عن طموحنا الصامت الذي يداعب مخيلتنا التي تسير بنا نحو المجهول!!

حتى صغارنا تعلموا منا “الأنانية” وحب الذات؛ وأضحى المرء وقيمته بما يملكه من مال؛ لماذا نحن جثث هامدة في يوم “العيد” تعيش خوف اللحظات المقبلة من كرب قادم وأمل مقتول نتوجسه بكل رعونة!!

ندرك أننا من تراب؛ وإلى تراب؛ ومكاننا “قبر” صغير في التراب التي سوف تضم أجسادنا وقد تلفظنا إلى مجهول ينتظرنا إلى غير رجعة!!

ثمة تساؤلات ووجع يعتري جسدي النحيل لكي أكتب لكم عن “لحظات العيد”، وربما تموت مشاعري على بياض الورق، وأنا أتأمل مشهدًا عابرًا يجبرني على “العويل” رحمة بي من كل ذلك الصخب؛ كوني خارجًا من جحيم نفسي الإمارة بالسوء إلى ثمة “فرحة مقتولة “على ذكريات عمرها خمسون وجعًا وألمًا وحزنًا؛ فهل يحق لي البكاء رحمة من ألم يعصف بي!!

ريثما يستمر الوجع … سأقول وداعًا ربما يعود بعضي لكم.. ولكن بنصف إنسان مقتول وبدون مشاعر!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى