المقالات

الخطر القادم

بريك العصيمي.

نعم، إنه خطر الطلاق الذي يهدد البيوت والمجتمعات، ويُخلّف الآهات والويلات والحسرات، وبما يحدثه من تعميقٍ للجروح وإبعادٍ للمسافات؛ فتترمل بسببه المرأة ويتأتم الطفل، والزوج والأب على قيد الحياة، لكنه مثلهم سوف يتجرع مرارة هذه الكأس ويدفع الثمن غاليا!

أغلب المطلقات اليوم لا يتجاوزن الثلاثين من العمر، أي في بداية نضجهن العاطفي والإنساني.

فما الذي حدث؟ ولماذا صار الطلاق أسرع من فترة الخطوبة أحيانًا؟

 

أولًا: ثقافة “اللا صبر”:

جيل اليوم تربّى على السرعة، يريد كل شيء جاهزًا وسهلًا…

طعام سريع، إنترنت سريع، مشاعر سريعة، وحتى حلول للمشكلات بضغطة زر.

 

لكن الزواج ليس “تطبيقًا” يمكن حذفه عند أول خلل،

 

هو حياة تحتاج إلى صبرٍ، وتنازلٍ، وتفهّمٍ، لا إلى “تجربة وخروج” عند أول أزمة.

 

ثانيًا: غياب الوعي قبل الزواج:

كثير من الشباب والفتيات يدخلون الزواج دون فهم حقيقي لما ينتظرهم.

 

البنت تظن أن الزواج فيلم رومانسي دائم، والشاب يظن أنه راحة وسلطة مطلقة.

 

لكن الواقع يحمل مسؤوليات، فهناك ضغوط مالية، وأعباء يومية تحتاج لشراكة حقيقية، لا مجرد مشاعر.

 

ثالثًا: تدخلات الأهل والأصدقاء:

في الماضي كانت الأسر تتدخل لحلّ الخلافات، واليوم تتدخل لتأجيجها.

 

تقول الأم لابنتها: “لا تتنازلي”، ويقول الصديق لصديقه: “لا تجعلها تسيطر عليك”،

 

فتتحول الخلافات الصغيرة إلى حروب كرامة تنتهي بالانفصال.

 

رابعًا: المقارنة السامة:

فللأسف مواقع التواصل اليوم دمّرت البيوت أكثر مما جمّلتها!

 

كل فتاة ترى حياة غيرها المثالية على “وسائل التواصل”، وتبدأ تقارن:

 

“لماذا لا يكون زوجي هكذا؟”،

 

وكل شاب يرى فتاة أنيقة على الشاشة فيبدأ يقارنها بزوجته المتعبة من البيت والأطفال،

 

تتسلل المقارنة، يذوب الرضا، ويبدأ الانفصال النفسي قبل أن يُكتب في الورق.

 

خامسًا: انعدام التواصل الحقيقي:

الزوج والزوجة تحت سقف واحد، لكن بينهما جدار صمت، لا حوار، لا إصغاء، لا مشاركة مشاعر،

يتحدثان فقط وقت الشجار، فيتحول الكلام إلى سلاح بدل أن يكون جسرًا.

 

سادسًا: غياب القدوة:

جيلنا شاهد الآباء والأمهات يعيشون معًا رغم كل شيء، لأنهم كانوا يعرفون أن الزواج ليس سعادة دائمة بل مسؤولية دائمة.

 

أما اليوم، فالجميع يقول: “لماذا أتحمّل؟ أطلق وأبدأ من جديد”.

 

لكن الحقيقة أن الطلاق لا يداوي، بل يترك ندوبًا لا تزول بسهولة.

 

النتيجة المؤلمة:

أطفال بلا استقرار، فتيات محطّمات نفسيًا، وشباب فقدوا الثقة في الزواج نفسه.

 

البعض يرى الطلاق تحرّرا، بينما هو أحيانًا هروب من مسؤولية لم تُفهم جيدًا منذ البداية.

 

الزواج ليس عقدًا بين جسدين، بل عهد بين روحين.

 

الزواج يحتاج وعيًا، وصبرًا، وإيمانًا بأن الخلاف لا يعني النهاية، بل بداية فهم أعمق.

 

فلنُعد النظر في مفهوم الزواج قبل أن ندخل إليه، ولنعِ أن الطلاق ليس دائمًا هو الحل… بل قد يكون الجرح الذي لا يلتئم.

 

هذه نصائح استوقفتني فنقلتها لكم بتصرف؛ لعلها ترأب صدعاً أو تُحسّن علاقةً أوتصحح فهماً، ولعلها تكون داعمةً لحياةٍ تدوم وعلاقةٍ تبقى.

 

بريك العصيمي

مستشار أسري وتربوي

ومأذون شرعي لعقود الأنكحة للمواطنين والمقيمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى