
د . علي إبراهيم خواجي
في كل عام ، وتحديدًا في الخامس من أكتوبر ، يحتفي العالم كله بالمعلم في يومه العالمي ، تقديرًا لعطائه ودوره المحوري في بناء الإنسان وصياغة الفكر وإعداد الأجيال .
إنه اليوم الذي تتوحد فيه مشاعر التقدير والعرفان تجاه من نذروا أعمارهم لتنوير العقول وغرس القيم وصناعة المستقبل ، فمن خلاله نشاهد الشيخ الجليل ، والطبيب الماهر ، والضابط والجندي الذي يدافع عن تراب اوطاننا ، والوزير صانع القرار ، والمحامي الذي يدافع عن حقوق الآخرين .
يُحتفل باليوم العالمي للمعلم في الخامس من أكتوبر من كل عام ، وهو مناسبة عالمية تهدف إلى تكريم المعلمين وتبين دورهم الحيوي في تطوير التعليم والمجتمعات .
فقد تم تحديد هذا اليوم في عام 1994، ويستند إلى توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المعلمين ، والتي وضعت معايير لحقوقهم ومسؤولياتهم .
يُعد هذا اليوم مناسبة عالمية للتأمل في مكانة المعلم وأهمية دعمه وتمكينه ، بوصفه محور العملية التعليمية وأساس التنمية البشرية في كل المجتمعات .
فمنذ أن خط الإنسان أول حروف العلم ، كان هناك معلم يرشد ، ويوجه ، ويُضيء الطريق .
ومع مرور الزمن ، لم يتغير جوهر رسالته ، بل ازدادت عظمتها وتوسعت مسؤولياته في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها التعليم في عصر التقنية والذكاء الاصطناعي.
المعلم اليوم لم يعد مجرد ناقلٍ للمعلومة ، بل أصبح قائدًا تربويًا ومهندسًا للتفكير والإبداع ، يزرع في طلابه مهارات الحياة ، ويغرس فيهم الثقة بالنفس ، وروح المبادرة ، والقدرة على التعلّم الذاتي.
ومن خلال كفاءته وإيمانه برسالته ، يبني مجتمعًا معرفيًا قادرًا على مواجهة تحديات الحاضر واستشراف آفاق المستقبل .
وفي المملكة العربية السعودية، يحتل المعلم مكانة رفيعة ضمن توجهات رؤية المملكة 2030، التي جعلت من التعليم محورًا للتنمية ، ومن المعلم شريكًا أساسيًا في تحقيق التحول الوطني .
وقد حرصت وزارة التعليم على تمكين المعلمين من خلال برامج تطوير مهني حديثة ، ورفع مستوى التأهيل ، وتعزيز مكانتهم المعنوية والمادية.
فالمعلم في الرؤية ليس موظفًا يؤدي مهمة ، بل هو قائد للتغيير وبانٍ للوعي الوطني.
إن الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم ليس مجرد فعالية عابرة، بل هو تجديد للعهد بأن رسالة التعليم ستظل من أنبل الرسائل ، وأن بناء الإنسان هو أعظم استثمار يمكن أن تقدمه أمة لنفسها.
فالمعلم حين يجد التقدير والدعم، يفيض عطاءً ، ويُخرج جيلاً مؤمنًا بقيمه ، متمكنًا من علمه ، ومخلصًا لوطنه .
وفي هذا اليوم السعيد لنا كمعلمين وأولياء أمور ، نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان لكل معلمٍ ومعلمة في وطننا الغالي ، حملوا الرسالة بكل صدقٍ وأمانة ، وساهموا في بناء العقول وصياغة الوعي.
أنتم نبض التعليم وركيزة التنمية ، وسفراء النور في دروب الأجيال .
فكل عامٍ وأنتم بخير ،
وكل عامٍ وأنتم تصنعون الفرق بعلمكم ، وتزرعون الأمل في قلوب طلابكم ، وتبنون مجد الوطن بعقول الأجيال القادمة .
آخر حرف :
على الرغم من الدور الحيوي الذي يلعبه المعلمون ، إلا أنهم يواجهون العديد من التحديات ، فالعديد من المعلمين يعملون في ظروف صعبة كبعد المسافة اما بالاغتراب عن منطقته ، او مسافة تتجاوز الساعة والساعتين عن مقر سكنه ، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم ، بل وحتى حدوث الحوادث المرورية التي يكون ضحيتها المعلمين ، وحادث معلمات الداير مؤخرا خير شاهد على ذلك ، مما يجعل الكثير من المعلمين ينفرون من المهنة ويهرولون نحو التقاعد .
لذلك فإن تعزيز وتحقيق مطالبات المعلمين وتوفير بيئات تعليمية داعمة يعتبران من الأمور الضرورية لتحسين أوضاعهم ، ومن ابسط حقوقهم أن يحصلوا على التأمين الطبي المناسب لهم ولكافة أفراد أسرهم ، وأن يتم الاستفادة من خبراتهم بعد تقاعدهم من خلال الجمعيات التعاونية التي نتمنى ان تحرص على استقطابهم كخبرات يتم الاستفادة منها .