المقالات

خلق المؤمن

 

يدعوننا ديننا الإسلامي الحنيف ،إلى حسن الخلق بين المسلم و ربه ،و بين المسلم و الناس أجمعين.

 

هناك أديان تبشر بأن اعتناق عقيدة ما ،يمحو الذنوب … و أداء طاعة معينة يمسح الخطايا …لكن الإسلام لا يقول هذا الكلام ، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال له :

يا رسول الله إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها فقال:

” هى فى النار”.

ثم قال:

يا رسول الله فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وأنها تتصدق “بالأثوار من الأقط ” بالقطع من العجين ولا تؤذى جيرانها. قال:

” هى فى الجنة” .

 

إن الإسلام علمنا أن الصيام، ليس الابتعاد عن المعاصي فقط ،و لا الإمساك عن الطعام والشراب ،و هذا يستطيعه أغلب المسلمين ، ولكن أراد الله تعالى أن يتبع الصوم خلق حسن .

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة لأصحابه :

” أتدرون ما المفلس ؟ قالوا :

المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع .

فقال :

إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه . ثم طرح في النار”.

 

لهذا إن الذين يفرطون بصيامهم يعتبرون محرومين، في شهر الصوم …مفلسين في شهر الجود والإحسان …

 

فمن صام في نهار رمضان، ولم يصم لسانه من غيبة الآخرين، وهتك أعراضهم، ولم تصم يده من إيذاء الآخرين، والنيل منهم، ولم يصم قلبه من الأحقاد والغل على إخوانه المسلمين، فإن صيامه ناقص، وفيه تفريط كبير لحدود الله.

 

لا معنى لظاهر الصيام إن لم تتأدب النفوس، فليدرك الإنسان نفسه ، وليجدد توبته لربه، وليبتعد عن منكرات الأخلاق والأقوال والأعمال ، فإن رسول الهدى عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الصحيح :

( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) .

 

و ذكر الإمام ابن رجب ـ رحمه الله أن بعض السلف قال:

” أهون الصيام ترك الشراب والطعام، وقال جابر رضي الله عنهما:

إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ، ودع أذى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.

 

و في النهاية لقد حدد رسول الإسلام الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين فى دعوته بقوله :

 

” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” .

 

فالعبادات التى شرعت فى الإسلام واعتبرت أركانا في الإيمان به ليست طقوسا و لا أعمال و لا وحركات لا معنى لها ، الفرائض التى ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه هي تمارين متكررة لتعويد المرء أن يحيا بأخلاق صحيحة ، وأن يظل مستمسكا بهذه الأخلاق العظيمة التى هي أساس الإسلام.

 

 

 

ندى فنري

أديبة / صحفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى