بشرى
يَوْمٌ أَهَلَّ عَلَى الوجُودِ مُحَمَّدَا
فَغَدَا بِمِلْءِ فَمِ الزَّمَانِ مُخَلَّدَا
بُشْرَى مِنَ المَوْلَى الرَّحِيْمِ لَهَا صَدَى
مِيْلَادُ خَيْرِ الخَلقِ طُرًّا أَحْمَدَا
فَرِحَتْ بِمَقْدَمِهِ السَّمَاءُ بَشَاشَةً
وَكَسَا مُحَيَّاهَا الجَمَالُ تَوَقُّدَا
وَاسْتَقْبَلَتُهُ الأَرْضُ عَطْشَى ، فَارْتَوَتْ
وَإِذَا بِهَا نَشْوَى تَفِيْضُ لَهُ حُدَا
فَتَجَدْوَلَتْ أَنْهَارُهَا ، وَاعْشَوْشَبَتْ
صَحْرَاؤُهَا ، وَالطَّيْرُ غَرَّدَ مُنْشِدَا
وُلِدَ الأَمِيْنُ بِبَطْنِ مَكَّةَ آمِنًا
وَمُتَمَّمًا ، وَمُسَدَّدًا ، وَمُحَمَّدَا
كَالصُّبْحِ وَافَى لِلخَلَائِقِ مُبْصِرًا
كَشَفَ السِّتَارَ عَنِ الظَّلَامِ ، وَبَدَّدَا
فَتَكَشَّفَ البَاغَونَ عَنْ أَهْوَائِهِمْ
مِنْ سَطْوَةِ الحَقِّ المُبِيْنِ عَلَى العِدَا
لَمَّا دَعَا لِلَّهِ ، أَحْيَا أَنْفُسًا
مَاتَتْ بِدَاءِ الشِّرْكِ فِيْ عَصْرِ الرَّدَى
عَادَتْ إِلَى المَحْيَا تُنَاجِيْ رَبَّهَا
وَتَدُكُّ مَا صَنَعَ الظَّلَالُ وَشَيَّدَا
رَامُوا الجِنَانَ ، فَلَمْ يَرُومُوا زُخْرُفًا
مِنْ زِيْنَةٍ تَفْنَى زَخَارِفُهَا غَدَا
إِنَّ الفَضَائِلَ وَالمَكَارِمَ قُلِّدَتْ
شَرَفًا بَصُحْبَةِ أَحْمَدٍ عَبْرَ المَدَى
مَا الجُودُ وَالإِحْسَانُ إِلَّا قَطْرَةٌ
فِيْ بَحْرِ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ المُقْتَدَى
مَا كَانَ فَظًّا أَوْ غَلِيْظًا قَلْبُهُ
بَلْ كَانَ مَأْوًى لِليَتِيْمِ ، وَمَقْصَدَا
وَلَهُ البَعِيْرُ لَكَمْ تَذَلَّلَ سَاجِدًا
وَالجِذْعُ حَنَّ إِِلَى الحَبِيْبِ ، فَأَنْشَدَا
لِلمُرْسَلِيْنَ المُعْجِزَاتُ عَظَائِمٌ
وَلِأَحْمَدَ القُرْآنُ أَعْظَمُهَا هُدَى
كَالشَّمْسِ يَبْدُو مَا تَوَهَّجَ ضَوْءُهَا
إِلَّا وَدَلَّ الحَائِرِيْنَ ، وَأَرْشَدَا
مَا أَحْوَجَ الدُّنْيَا لِهَدْيِ مُحَمَّدٍ
فَالكَوْنُ دُونَ هُدَاهُ ضَلَّ وَعَرْبَدَا
صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ مَا صَلَّى الضُّحَى
عَبْدٌ ، وَسَبَّحَ عَابِدٌ وَتَهَجَّدَا
عبد الهادي القوزي