المقالات

رسالة إلى المعلمين والمعلمات

د . ضيف الله مهدي
يأتي الطفل في السادسة من عمره إلى المدرسة وهو شخصية لها كيانها ، وحالة مفردة لا سبيل إلى تناولها بالتعليم أو التقويم ما لم نقف على أسلوبه في الحياة الذي أتى به من أسرته ، ومعنى ذلك أيضا أن معاملتنا كمربين للأطفال لا ينبغي أن تسير على نمط واحد قائم على المعرفة النظرية بالمبادئ العامة لنفسية الأطفال دون مراعاة للفروق الفردية وعندما يبدأ الطفل الدراسة في المدرسة الابتدائية يكون قد بدأ فعلا مرحلة الطفولة المتوسطة التي تمتد من أوائل السنة السادسة حتى آخر السنة الثامنة من عمره وبذلك تستمر هذه المرحلة من النمو أثناء دراسته في السنتين الأولى والثانية في المدرسة الابتدائية . وتحدث تطورات في النمو الجسمي حيث يستمر النمو الجسمي ويصل الطفل في نموه في أواخر السنة الثامنة من العمر إلى حوالي 5 4 % من تكوينه الجسمي العام ، ومن ناحية النمو النفسي يميل الطفل إلى الهدوء النسبي ،وان انتقال الطفل من البيت إلى المدرسة يعد ولا ريب حدثا عظيما في حياته ويترك في نفسه آثارا عميقة قد تحدد مستقبله وسلوكه .. وتختلف حالة كل طفل عند الانتقال عن الآخر وتكون مشحونة عادة بشتى العواطف والانفعالات العميقة فمن دخل المدرسة باكيا أو صاخبا أو مرعدا أو مترددا ليس كمن دخلها راغبا ومطمئنا ، ولاسيما من كان يقتفي أثر أخوة له أو أخوات إن كل واحد منا يتذكر الساعات الحرجة التي مر بها يوم سار به والده أول مرة إلى المدرسة ،وما اعتراه من تخوف وتهيب أو من خجل أو من غبطة وسرور . وان التربية ليست تراكم شذرات من المعلومات والمعرفة ،ولكنها الوسائل الذهنية وأساليب التفكير وفوق كل شيء الميل والاستعداد لاكتساب المعرفة والنهل منها مدى الحياة . ولن تنجح المدرسة في تحقيق أغراض التربية ما لم يكن في استطاعتها التعرف على الميول والاستعدادات الفطرية والإمكانات العقلية لدى التلاميذ حتى يتسنى لها اختيار الوسائل المناسبة لانبثاقها وتطويرها وازدهارها . وللطفولة الإنسانية أهمية بالغة في حياة كل فرد بصورة شعورية مباشرة أو لاشعورية وغير مباشرة ، وذلك لما تمتاز به من خصائص جسمية وخصائص اجتماعية وخصائص انفعالية ، وخصائص عقلية ، وعن الخصائص العقلية نقول :أن تلاميذ الصفوف الابتدائية الأولى لديهم شغف كبير جدا بالتعلم ،ومن أفضل الأشياء في تدريس هذه الصفوف أن تتوافر واقعية التلاميذ من داخل الأنشطة .. والأطفال في هذه السن يحبون الكلام ويميلون إلى أن يتاح لهم بيسر وسهولة أكبر في الكلام عنه في الكتابة ، كما أنهم شغوفون بالتشجيع سواء عرفوا الجواب الصحيح أم لا ولهذا يجب على معلمي الصف الأول الابتدائي مراعاة ذلك ومراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ ، وأن مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ أساسه احترام قيمة الفرد ودوره في حياة المجتمع ، ومعنى هذا أن نقدم كل مساعدة ممكنة لكل تلميذ وتربيته في ضوء قدراته وحاجاته وميوله الخاصة .
• خصائص النمو عند الأطفال ( تلاميذ الصفوف الأولية )
النمو : عملية تراكمية متصلة ، تتطور في شكل.
والآن إلى تفاصيل لكل نوع من أنواع النمو :
1 النمو الحركي : يزداد نمو التآزر بين العضلات الكبيرة والصغيرة ، ويزداد التآزر بين العين واليد ، وتزداد مهارة الطفل في التعامل مع الأشياء ، وتزداد تدريجيا مهاراته الجسمية الضرورية للألعاب الرياضية المناسبة للمرحلة ، وعلى المدرسة الاهتمام بمادة التربية الرياضية والفنية لتنمية مهارات اللعب وتدريب التلاميذ على رسم الخطوط الرأسية والأفقية ، وعدم التركيز على مهارة الأصابع ، وعدم إجبار الطفل الأيسر ( الأعسر ) على الكتابة باليد اليمنى ، لما قد يترتب على ذلك من اضطرابات نفسية عصبية 0 وعلى الأسرة توفير فرص النشاط الحركي الملائم ، وإيجاد فرص الترفيه ، ومراجعة المرشد الطلابي أو النفسي أو الاجتماعي بالمدرسة عند ظهور نشاط حركي غير معتاد .
٢- النمو الحسي : حيث تظهر القدرة على الإدراك الحسي من خلال القراءة والكتابة ، والتعرف على الأشياء من خلال ألوانها وأشكالها ورائحتها وأحجامها . وتعلم العمليات الحسابية الأساسية ، وإدراك الحروف الهجائية وتركيبها في كلمات وجمل ، مع ملاحظة صعوبة التمييز في البداية بين الحروف المتشابهة . ويتميز النمو الحسي بتوافق الحواس الخمس مع الأخذ في الاعتبار الفروق الفردية بين الأطفال ، وظهور بعض الصعوبات لدى بعضهم . وعلى المدرسة والأسرة تدريب الأطفال على تنمية الحواس وتشجيعهم على الملاحظة من خلال النشاط المرتبط بالوسائل السمعية والبصرية واللمسية ، وتدريب الأطفال على إدراك أوجه الشبه والاختلاف بين الأشياء وتدريبهم على دقة إدراك الزمن والمسافات والأوزان والألوان . وتوظيف المقررات الدراسية لهذا الغرض في المدرسة والمنزل . وعلى الأسرة توفير الألعاب التي تشجع الطفل على تنمية الإدراك والتفكير ، وعلى الأسرة والمدرسة القيام برحلات وجولات ترفيهية للأطفال ليتمكنوا من خلالها من قراءة اللافتات في الشوارع والأسواق ، وعلى الأسرة تجنيب طفلها أخطار المؤثرات الحسية سواء السمعية أو البصرية الشديدة ، مع ضرورة الكشف الدوري على الحواس .
٣- النمو العقلي : يتميز بالسرعة ، كالقدرة على التعلم ، والتذكر ، والتفكير ، والتخيل ، وحب الاستطلاع . ويتأثر النمو العقلي بالمستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للأسرة ، كما يتأثر بالمدرسة ووسائل الأعلام ، وعلى المدرسة والأسرة رعاية ذلك النمو بتدريب الأطفال على كيفية اكتساب القدرة على التذكر والانتباه ، مع مراعاة الفروق الفردية في ذلك ، مع التشجيع المستمر على حب الاستطلاع ، وتنمية الميول والاتجاهات والمحاولات الابتكارية ، وتوفير المثيرات التربوية والتعليمية المناسبة للنمو العقلي في المدرسة والبيت ، والتخفيف من التذكر الآلي والحفظ 0 مع الاهتمام بالتوافق المدرسي والأسري ، وحث الطفل على التفكير والاعتماد على النفس .
٤- النمو اللغوي : كلما تقدم الطفل في السن أو العمر ، كلما تقدم في تحصيله اللغوي ، وهذا يعني أن هناك علاقة كبيرة وقوية بين النمو اللغوي ، والنمو العقلي ، والاجتماعي ، والانفعالي ، والجسمي ، وعلى المدرسة تدريب الطفل على الكتابة الصحيحة رسما وأسلوبا ونحوا وإملاءً ، وتصويب مكامن الأخطاء اللغوية لدى الطفل ، والاكتشاف المبكر لعيوب الكلام مثل : اللجلجة ، والتهتهة ، والفأفأة . وعلى الأسرة تهيئة الظروف المنزلية وتشجيع الأطفال على قراءة القرآن الكريم ، وعلى الكلام ، والتعبير الحر ، والثقة بالنفس . مع مراعاة تصويب الأخطاء بشكل تربوي ، وعلى الأسرة تبليغ المرشد الطلابي أو النفسي أو الاجتماعي بالمدرسة بأي مشكلات لغوية لدى الطفل.
================
المرجع : كتابي النظرة الضيقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى