المقالات

اغرسْ غرسة

بريك العصيمي

سمعتُ لقاءً لأحد الدكاترة الفضلاء يتحدث فيه عن موقف له في إحدى دوراته وبرامجه التدريبية يقول: أذن المؤذن لصلاة المغرب وكان صوتُ النداء واضحاً ومسموعاً في القاعة التي أُقدم فيها البرنامج، وكانت لدي جزئية في البرنامج أكملتها، ثم ذهبت مع الحاضرين للصلاة.

وفي الطريق استوقفني شابٌ صغير في مقتبل العمر قد يكون في الصف الثالث متوسط وقال: يا دكتور هل تسمح لي بالنقاش معك في موضوع؟ فقلت له تفضل، فقال: أليس الأذان من شعائر الله؟ قلت بلى، فقال فالله يقول: “ومن يُعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”، فلو أنك توقفت قليلاً عند سماع النداء لكان خيرا لك ولنا.

يقول الدكتور : فأُعجبتُ بطرح هذا الصغير ونقاشه وأدبه، فلما رجعنا إلى القاعة وأكملنا البرنامج، فإذا بالمؤذن يؤذن لصلاة العشاء، فأردت أن أوصل رسالة لهذا الصغير بأني قد استفدت من توجيهه وملاحظته، فتوقفت حتى انتهى الأذان، والتزمت بهذا في محاضراتي كلها في الجامعة وغيرها، فكان كلما أذن المؤذن توقفت ورددت مع المؤذن وأخذت أدعو لهذا الصغير.

لا شك بأن ما قام به هذا الصغير ناتج عن تربية وغرس قيمي عظيم لتعظيم شعائر الله من قبل المنزل والأسرة، أو حتى المدرسة أو المسجد، وكيف أن هذا الغرس يؤتي ثماره وأكله.

فما أجمل أن يقومَ كلُّ واحد منا بمثل هذا الغرس في حياته: مع أسرته وطلابه، وفي حيه ومجتمعه، لا شك أننا سوف نحصدُ ثماراً عظيمة لأنفسنا ولغيرنا.

وقد كان هذا درساً من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، تعلمه هذا الصغير وعلمه لغيره، فقد كان صلى عليه وسلم كما أخبرت عائشة رضي الله عنها فيما معناه عن حال رسول الله في بيته: أنه كان يكون في خدمة أهله فإذا سمع النداء فكأنه لا يعرفنا، يعني يبادر بالخروج إلى الصلاة.

فشكراً لهذا الصغير الذي قدم لهذا الدكتور هذا الدرس العظيم، والذي قدمه الدكتور بدوره لنا وللعشرات بل المئات والآلاف من طلابه، فشاع خير هذا التوجيه وذاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى