المقالات

أهازيج تحتفي بحجاج الزمن القديم في قريتي

بقلم /عيسى الرقيعي

كانت رحلة الحج في منطقة جازان قديماً ، لها طقوسها الخاصة بها وأيضا تختلف الترتيبات لها من مكان إلى مكان آخر وأيضا تختلف وسائل النقل في ذلك العصر مثل ( الابل و الحمير و الخيول ) وهي قليلة جداً وكما أخبرنا به كبار السن نقلاً عن أجدادهم الذين ذهبوا للحج في القديم أنه و حينما ينوى من يريد الذهاب إلى الحج لأداء الحج منهم لابد له من الاستعداد الجيد لهذه الرحلة التي يمكن أنه لا يعود منها مرة أخرى إلى أهله وبيته ، فقد كان يقوم الحاج بتجهيز مؤونته وسلاحه من أجل الدفاع عن نفسه في الطريق ، لما كان يشهده الطريق إلى الحج من مخاطر جمة سواء من قطاع الطرق أو الحيوانات المفترسة وغيرها .. وكانت هناك مناسبات تعقد لتوديع الحجاج قبل المغادرة في رحلة الحج : إذ يبدأ أقاربه وجيرانه وأصدقاؤه من الرجال والنساء في التجمع في منزل من ينوي الحج قبل موعد السفر بعدة أسابيع يودعون فيها اقاربهم الحجاج متمنين لهم التوفيق والرجوع إلى أهلهم سالمين معافين .
وكانت لا تخلو هذه التجمعات بين الحجاج واقاربهم و جيرانهم من أهازيج تراثية شعرية وشعبية و كانت متوارثة بينهم وخاصة في مثل هذه المناسبة في المنطقة ومن هذه الاشعار مثلاً قصيدة
شعرية للشاعر احمد عمر مفتاح الذي يقول فيها :

ودّعت بكْ يا ضلع جنبي اليمين

يا بو عمر يا مكتمل يا رزين

ودعت بك ودمع عيني يجول

يا بو محمد ليتني سيرتك

تنظر لحالي وانتظر حالتك

واسمع لداعي دعوتك ما تقول

غابوا عليّه مثل لمح البصر

في حفظ ربي سالمين الخطر

حج الهنا وتجارة لن تبور
ندعي لهم بالعافية والقبول.
وبعد هذه الأجواء الوداعية التي كانت تقام في القرية لتوديع الحجاج ، تبدأ رحلة الحج الشاقة و كان الطريق إلى الحج من المنطقة صعباً وتحيط به المخاطر ، وكان يقود رحلة الحج أحد الخبراء من الذين يعرفون الطريق ولهم خبرة وتجارب في السفر نحو طريق
حتى لا يعرضهم للتيه ، والتأخر عن الحج.
وأثناء رحلة القافلة إلى الاراضي المقدسة يقوم الحجاج المسافرون في هذه القافلة بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات للحراسة وتأمين القافلة وتستمر هكذا حتى الوصول إلى مكة المكرمة ، وأيضا تكون هكذا أثناء العودة و الرجوع الى الديار ، وبعد الانتهاء من مناسك الحج يقوم الحجاج بشراء بعض الهدايا من مكة المكرمة لأهاليهم وأقاربهم.
مثل الصنبران والمسابح و الختام و غيرها تقدم كهدايا رمزية للقارب و الابناء و الاخوان و الاصدقاء و الأحباب و في يوم الوصول والعودة من الحج يقوم اهالي القرية باستقبال الحجاج بالأناشيد والأهازيج المتوارثة بينهم و يكون لكل حاج مكان مخصص له للجلوس عليه في البيت ، وكان للحجاج العائدين أهزوجة متوارثة بينهم قد يجتمع كافة حجاج منطقة جازان في ترديدها: وهي روحنا من أمسعدية لا بندق ولا جنبية ، ومعناها انه في الحج لا قتال ولا حرب بل هو موسم للخير والسلام كما يفسره كبار السن ، وهكذا كانت رحلة الحج قديماً في الجنوب من سهل تهامة فلك عزيزي القاري ان تتخيل هذه المشقة و السفر الى رحلة الحج وقضاء فريضة الحج فالحمدلله اننا نعيش في الوقت الحاضر في عصر النهضة الحديثة عصر الطائرات و السيارات التي تقل الحجاج الى الديار المقدسة في سرعة و امان بعد توفيق الله ، فالله الحمد و الشكر على هذه النعم .
واخيراً عزيزي القاري هذه سطور قليلة تصور لنا مدى المعانة التي كانت في العصر الماضي من أجل السفر للحاج من اجل القيام بمناسك الحج .

بقلم / عيسى الرقيعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى