بعد 5 سنوات من توقف باص الروضة.. باص أبو علي يعود ضمن أركان فعالية “ارسم فرحة”
واكب – مرعي قاسم – القطيف –
بعد خمس سنوات من الغياب الاضطراري، عاد باص أبو علي، الذي اعتاد على مدى 40 عامًا أن يجوب شوارع وأزقة العوامية كل صباح، ليحمل معه أطفال دار الطفولة بالعوامية وينقلهم إلى روضتهم، قبل أن يعود ليأخذهم إلى بيوتهم بعد أن ينتهي يومهم الدراسي.
عاد باص أبو علي هذه المرة بشكل رمزي ضمن فعالية “ارسم فرحة”، التي أقامتها جمعية العوامية الخيرية في 21 نوفمبر بالتزامن مع يوم الطفل العالمي. كان وجوده كركن لأخذ الصور التذكارية محفزًا ليعيد الكثير من الآباء والأمهات إلى ذكريات طفولتهم على مقاعد هذا الباص، ويوثقوا صور أطفالهم وهم يطلون من نوافذه الرمزية. وعلى المقعد الأمامي، كان هناك كاريكاتير لأبو علي مطر، رافعًا يده للتحية من على مقعد السائق في الباص الأصفر الذي يعرفه أغلب أهالي بلدة العوامية.
بدأ الحاج حسن كاظم أحمد آل مطر، المعروف بـ”أبو علي”، وظيفته كسائق في جمعية العوامية في مطلع عام 1400هـ، وتحديدًا في 21 نوفمبر 1979. وفي اليوم نفسه بعد 45 عامًا، عاد بباصه الأصفر كأيقونة للأطفال، ليأخذ صورهم التذكارية. لم يكن ذلك غريبًا عليه؛ فأينما ذهب يجد من حوله أبناءه الذين يذكرونه ويشكرونه. يقول: “في كل مكان أذهب إليه، لي أبناء من الأولاد والبنات يتذكرونني، وأتذكر كثيرًا منهم. وإذا لم تسعفني الذاكرة لتذكر أحدهم، يكفيني أن يذكرني بمكان منزله لأتذكره. فترة الأربعين عامًا التي قضيتها في باص الروضة جعلتني على علاقة طيبة مع أجيال من الأطفال الذين كبروا، وعادوا لي بأبنائهم لأوصلهم بباص الروضة، الذي تغير مرارًا ولكني بقيت سائقًا له حتى آخر يوم عمل لدار الطفولة بالعوامية”.
يحمل أبو علي في ذاكرته ذكريات آلاف الأطفال الذين نقلهم في باص الروضة. لكنه لا ينسى طفلين من أطفاله، كانا يجلسان صغارًا على مقاعد متقاربة في الباص، ودعوه بعد سنوات ليكون شاهدًا على زواجهم. عادت به الذكريات إلى طفولتهما، والتي اختارا أن يتذكراها بوجود أبو علي معهم ليشاركهم جزءًا جديدًا من حياتهم.
يقول: “لو تعود دار الطفولة، سأعود بباصي لأخذ الأطفال واوصلهم إلى روضتهم كما اعتدت دائمًا. لم أمل من هذا العمل، ولم تكن حركة الأطفال ومشاغبتهم تمثل إزعاجًا لي. سنواتي معهم علمتني منهم وعنهم الكثير. مرّ علي أطفال كبروا وجاؤوا ليشكروني على تنبيهي لهم والحزم معهم وهم صغار. كنت حازمًا بحب، وهذا الشيء يستشعره الأطفال ويعرفونه”.
طوال سنوات عمله، لم ينسَ أبو علي طفلاً في أمانته، رغم حجم الباص الكبير الذي كان يحمل أحيانًا أكثر من 30 طفلًا. كان يبتكر طرقًا للتأكد من اكتمال عدد الأطفال في الباص. يقول: “كانت لدي علبة حلوى أضع بها قطعًا بعدد الأطفال، وأخبرهم أن كل واحد منهم يأخذ قطعة عند النزول. فإذا زادت قطعة، أعلم أن هناك طفلًا ناقصًا”.
ولا يزال أبو علي حتى اليوم يعمل كسائق في جمعية العوامية، حيث يقوم بالعديد من المهام التي توكل إليه من قبل إدارة الجمعية. لكنه لا يزال يحن لباص الروضة وأطفاله.