الساق
محمد الرياني
ظل يقيس ساقيه ؛ كل ساق على حدة ويتمتم بصوت يصاحبه خوف ، يقول لنفسه : إنهما متساويتان، يعيد القياس مرة أخرى والهلع يسيطر عليه خوفًا من التهم التي تحيط بكثير من أقرانه ، قصاص الأثر أشاع أن السارق ساقاه مقوستان وأن إحداهما أقصر من الأخرى، اطمأن أكثر عندما مد ساقيه على السرير، طلب من أمه أن تمسد ساقيه بدهان معها كي تستقيم أكثر، اتجه إلى فناء الدار يركض فيها حتى يبعد كل التهم التي قد تأتيه ، كل الذين يعرفونه قد رأوا ساقيه النحيليتين من قبل وهما في غاية الاستقامة وتمتدان ملتصقتين دون فراغ بينهما، السارق الذي اجتاز الحواجز وسرق ذهب العروس من الدولاب اختار وقت الانشغال بمراسم العرس وانقض على صندوق الذهب واندس في جناح الظلام ليختفي عن الأنظار، جرت مراسم العرس وبدا عنق العروس خاليًا من عقود الذهب، همت دموع العروس وهي في طريقها إلى خط النهاية بموقع الفرح ، اخترق الصفوف رجل يمشي بتثاقل وهو يتوكأ من الألم ، بدت إحدى ساقيه وعليها قطعة قماش بيضاء ، جثا على ركبتيه معتذرًا وهو يصيح من الألم ، اعتذر عن فعلته الشنيعة، القرية الصغيرة كان كل سيقان أبنائها مستقيمة قبل السرقة ، مد السارق ساقيه ليريهم الساق المكسورة، اقترب منه قصاص الأثر ليلومه على فعلته ، حملوا السارق إلى من يصلح له ساقه المعطوبة ، وقفت سيقان القرية بعد الفرح بلا عكاز .