إفاقةُ قلب
قل لي بِربِكَ من ذا في الهوى خَذَلك
واستعذَبَ البعدَ فِي دُنياكَ إذ هَجَرَك
أكرمته صنتَه في الرُوحِ مسكنُه
لكنّه قد تناسى ناكراً كَرمك
أسكنته في بيوتِ العز أنفسها
فلم يطب في غدٍ يوماً له سكَنَك
لا ترتضي الدمعَ من عينيهِ يسكُبه
ويرتضي الدمعَ إن جادت به مُقَلك
جبرت كلَ كُسورٍ في خواطِره
وما تَساءَلَ يوماً ما الذي كَسَرَك
ما جاءَ يسألني عما يُكَدِرُني
بل جاءَ مبتسماً لمّا رأى كَدَرَك
أهكذا الحبُ يا قلبي يُعذبني
أفِق أيا قلبُ من ذا في الهوى سحرك
الناسُ تسعى إلى الآمالِ تتبعها
وأنت يا قلبُ تسعى للذي قتلك
تعيشُ في الناس كم ترجو سعادته
ولا سعادةَ إلا أن يرى ألمك
أسائلُ البدرَ إن قلّ السناءُ به
أو مَرّ حزنٌ به يا بدرُ ما شَغَلك
أفنيتَ فيه ربيعَ العمر زهرته
إن زاركَ الحزنُ يا قلبي فما سألك
إنّ الحياءَ بشرعِ الحبِ منقصةٌ
ما كانَ إلا عنيداً زاده خجَلَك
يا قلبُ كَفّ فقاضي الأرضِ مُنشغِلٌ
وكفةُ العدلِ في ميزانِ من ظَلمك
كتبتُ فيه من الأشعارِ أغنيةً
لعله في غدٍ يحنو إذا ذَكَرَك
قد ضَيّع الشعرَ والألحانَ قاطبةً
ولم يعد ذاكراً يوماً بها غَزَلَك
حتى الأماكنَ ما عادت تُذَكِرَه
كأنه فد محا من عينه صُورَك
أفِق أيا قلبُ لا ترنو لعودته
ولا تُراهنُ فيمن سَرّه سَفرك
من باعك اليوم في الدنيا بلا ثمنٍ
لا تشتريهِ وإن غَطّاهُ ثوبُ مَلَك
فقد تجد من يرى إلاكَ يعشقه
ولا تَطيبُ له عينْ ترى بدلك
هذا الذي إن أتى يوماً به قدَرٌ
أنخ ركابكَ كي تُحيي به أملك
يا حُسنَ فألِكَ إن جادَ الزمانُ به
فإن لقيتَ فأحسن في الهوى نُزلَك
شعر مكي حداد